خطبة الجمعة: الرفق في التعامل والرد على الإساءة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
فإن من أجل الأخلاق التي يجب أن نتحلى بها كمسلمين هي الرفق في التعامل مع الناس، والحلم عند الغضب، والصبر على الإساءة. وقد ورد في الحديث الشريف الذي رواه الشيخان واللفظ للبخاري، عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السام عليكم، ففهمتها فقلت: وعليكم السام واللعنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مهلا يا عائشة، إن الله يحب الرفق في الأمر كله».
إن هذا الحديث يعلمنا أن الرد على الإساءة يجب أن يكون بالتي هي أحسن، وأن الرفق واللين هما منهج النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الناس، حتى مع من يسيء إليه. وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].
فلنتأمل في حياتنا اليومية، كيف نتعامل مع الناس؟ هل نتحلى بالرفق واللين، أم نستجيب للإساءة بمثلها أو بأشد منها؟ إن الرفق لا يعني الضعف، بل هو قوة وسمو في الأخلاق، وهو ما يجعل المسلم قدوة حسنة في مجتمعه.
ومن الخطوات العملية التي يمكننا اتخاذها لتطبيق هذا الدرس في حياتنا: التحلي بالصبر عند الغضب، والتفكير قبل الرد على الإساءة، والدعاء بالهداية لمن أساء إلينا. ولنتذكر دائماً أن الله تعالى مع الصابرين، وأن الجزاء من جنس العمل.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا الرفق في التعامل مع خلقه، وأن يعيننا على الرد بالتي هي أحسن عند الإساءة، وأن يجعلنا من عباده الصالحين. وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. والحمد لله رب العالمين.