أهمية الدعوة إلى الله
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اقتدى بهداه. اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا وعلمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمًا وعملًا يا رب العالمين. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا للسداد في القول والعمل وأن يجعل هذه الدورة في ميزان حسنات خالصة لوجهه سبحانه ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
أيها الأحبة الكرام، هذا الموضوع الذي سنتحدث عنه أمر عظيم يتعلق بهداية أناس والتسبب في إنقاذهم من الخلود في نار الجحيم، فلا بد أن نعي وأن نتأمل وأن نتدبر كل محور من محاور هذه الدورة المباركة بإذن الله تعالى. نبدأ اليوم نتحدث عن أهمية الدعوة إلى الله، الدعوة إلى الله شيء عظيم يقول الله سبحانه وتعالى: "ومن أحسن قولًا ممن دعا إلى الله".
أهمية الدعوة إلى الله أولًا لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي أمر بأن ندعو إليه، هو الذي أرشدنا في آيات كثيرة من كتابه، يحثنا سبحانه جل في علاه على الدعوة إليه. "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" وقال الله سبحانه وتعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن". و"من أحسن قولًا ممن دعا إلى الله"، يعني لا أحد أحسن من ذاك الداعي الذي يدعو إلى توحيد الله، يبلغ الإسلام لغير المسلمين، يغار على حرمات الله سبحانه وتعالى، يذهب ينشر الدعوة وينشر الإسلام.
العابد والصالح الذي اقتصر صراحة على نفسه هذا على خير عظيم، لكن مقام النبوة، مقام الأنبياء ورثة الأنبياء والعلماء هو تبليغ الإسلام، نشر الخير، إقامة الدين في أرض الله سبحانه وتعالى. إذًا أولًا يتبين لنا أهمية الدعوة إلى الله أن الله سبحانه وتعالى هو الذي أمرنا بأن ندعو إليه، فنحن عندما ندعو نستجيب لأمر الله سبحانه جل في علاه.
ثانيًا، أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أرشدنا وأمرنا في أكثر من حديث بأن نبلغ دينه، وأن قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري: "بلغوا عني ولو آية". تحفظ آية من كتاب الله أنت مطالب بأن تبلغها. "رُبَّ مبلغ أوعى من سامع"، هذا يدعو له النبي صلى الله عليه وسلم بنظارة الوجه، تأتي يوم القيامة ووجهك يتلألأ نورًا لأنك حفظت نصوص الشرع وبلغت دين الله سبحانه وتعالى وعيت هذه النصوص ثم بلغتها.
إذًا من مقاصد نزول القرآن أن يقوم المسلمون بتبليغ هذا الكتاب إلى غير المسلمين، إلى أن ينذروهم ويخبروهم أن هناك جنة للمؤمنين ونارًا أعدها الله للكافرين الذين ينسبون إلى الله الولد، الذين يعبدون غير الله ويشركون معه. أما أن نقتصر على تلاوة القرآن وعلى التعبد وأخذ البركة والرقية، هذه أمور طيبة، لكن المقصد من نزول القرآن لنذر به، لنذركم به ومن بلغ.
إن الدعوة إلى الله ونشر الخير ونشر القرآن الكريم والتلاوات الخاشعة، ترجمة الآيات، أن تدعو غير المسلمين إلى زيارة المركز الإسلامي، أن تذهب إليهم، هذا هو مقصد بعثة الأنبياء وإنزال هذا الكتاب. ثم إيها الأحبة، قلنا تتبين أهمية الدعوة إلى الله، أنها امتثال لأمر الله لأنه هو الذي أمرنا، امتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي أرشدنا ودعا بالنظارة لمن بلغ نصوصه وأحاديثه صلى الله عليه وسلم، وامتثال لقوله عليه الصلاة والسلام: "بلغوا عني ولو آية".
إن تبليغ الإسلام لغير المسلمين هو مسؤولية كل مسلم، وهو عمل عظيم يجلب الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى، ويسهم في إنقاذ الناس من الضلال وإرشادهم إلى الحق والصراط المستقيم. فلنكن جميعًا دعاة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ولنسعى في نشر الخير والهداية في كل مكان. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.