منهج النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اقتدى بهداه. أيها الأحبة، نتحدث اليوم بإذن الله تعالى عن منهج النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله، خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. ويقول عليه الصلاة والسلام في أكثر من حديث: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي". ويقول الله سبحانه وتعالى: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرًا".
كثير من الناس يحب النبي صلى الله عليه وسلم ويحب أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في الهدي الظاهر، وهذا شيء طيب. لكن الأجمل من ذلك أيها الأحبة أن نتأمل في روح النبي صلى الله عليه وسلم، في همه، في مشاعره، كيف كانت اهتماماته، وماذا كان يفكر، وعلى ماذا كان يحزن عليه الصلاة والسلام.
لو تأملنا في كتاب الله لوجدنا أن الله تعالى ذكر في أكثر من موضع إشارة إلى حرص النبي صلى الله عليه وسلم على هداية الناس: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم". فهو عليه الصلاة والسلام حريص على هداية الخلق، على نشر الدعوة، على نشر الإسلام.
ومن منهجه أيضًا الذهاب إلى المدعوين، كان عليه الصلاة والسلام يذهب إليهم ليبلغهم رسالة رب العالمين سبحانه جل في علاه. يذهب ليزور غلامًا يهوديًا، تخيل معي، جاء في الحديث عن أنس أن غلامًا كان يهوديًا كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فلما مرض هذا الغلام، ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليزوره ويعرض عليه الإسلام. جلس عند رأسه وقال له: "أسلم"، فنظر الغلام إلى أبيه، فقال له والده: "أطع أبا القاسم"، فأسلم الغلام. فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم، مات الغلام، فتهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: "الحمد لله الذي أنقذه من النار".
إذًا، أيها الأحبة، التواضع في الدعوة إلى الله، وأيضًا الصراحة مع المدعوين، لا بد أن يكون الداعي صريحًا، ما يغش أبدًا ولا يدلس ولا يواري، يبلغ البلاغ المبين، يبين أن هذه الأصنام التي يعبدونها لا تنفع ولا تضر وأنها شرك بالله سبحانه وتعالى. وكان المشركون يأتون إلى رسول الله ويعرضون عليه أن يصلي وأن يقرأ القرآن لكن لا تسب آلهتنا، لا تسفه أصنامنا وأحلامنا، لا تتكلم عن ديننا. هل قبل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك؟ لا، لم يقبل، قال: "والله يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته". فكان صلى الله عليه وسلم حريصًا على البيان غاية البيان، لا بد أن تبين بكل فمك تبين الحق، أن الله لا يقبل غير الإسلام، أن هذه الأديان باطلة لا يقبلها الله.
وكان من منهجه صلى الله عليه وسلم التشجيع والحث، كان يشجع غير المسلمين ويحثهم، يستشعر صلى الله عليه وسلم أن شخصًا عندما يغير دينه هذا أمر ثقيل عليه، فيعطيه ما يشجعه ويحثه على الإسلام.